تصاعد الدعوات لتشكيل الحكومة اللبنانية بعد التطورات الأمنية في الجبل
 

رفع «الحزب التقدمي الاشتراكي»، أمس، مستوى التحذيرات الأمنية بعد أحداث بلدة الجاهلية، عادّاً أن هناك حملة تهديد من النظام السوري ضده تستدعي الحذر والركون إلى الدولة وأجهزتها الأمنية، في وقت عبّر فيه النائب أكرم شهيب عن الهواجس؛ بالسؤال عما إذا كانت قد «عادت تهديدات دمشق بتدمير الجبل؟».

ولم يمنع هذا الجو رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، من إعادة التأكيد على أن الأولوية لتشكيل الحكومة «كون معالجة الهم المعيشي فوق كل اعتبار»، معلناً أن الحزب «سيطرح مجددا جملة اقتراحات كمدخل للمعالجة»، ترتبط بأزمة تشكيل الحكومة وعقدة تمثيل «سنة 8 آذار»، فيما تصاعدت الدعوات لتأليف الحكومة، كان أبرزها من وزير المال علي حسن خليل الذي قال إن «الحوادث الأخيرة التي حصلت تقتضي وتفرض علينا أن نسارع إلى إكمال عقدنا الدستوري، من خلال تشكيلها».

ولم تنفِ مصادر «الحزب التقدمي الاشتراكي» بروز تهديدات جديدة من النظام السوري ضد الحزب، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن النظام السوري «لم يتوانَ يوماً عن إطلاق التهديدات بحق الحزب التقدمي الاشتراكي»، عادّةً أن «الحملة المبرمجة، معطوفة على تطورات الأيام الأخيرة، لا تخرج عن هذا السياق». وأكدت المصادر أن الحزب التقدمي الاشتراكي «لن يخرج عن الثوابت السياسية التي رسمها والعناوين التي حددها».

وإذ نفت المصادر أن تكون هناك إجراءات أمنية خاصة أو تقييد لحركة بعض القياديين والشخصيات، قالت إن «الحذر دائماً واجب، ولطالما مرّ الحزب بحقبات صعبة»، مذكّرة بأن رئيس الحزب المؤسس الزعيم الراحل كمال جنبلاط «اغتيل من قبل النظام السوري». وشددت المصادر على أن الحزب «يركن إلى الدولة اللبنانية وأجهزتها الرسمية».

وأرخى ملف التوتر في جبل لبنان خلال الأسبوع الماضي، بثقله على منطقة الشوف التي يتمتع فيها «الاشتراكي» بأغلبية شعبية. وقال عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب أكرم شهيب إن «الأحداث المؤسفة التي جرت بالأمس في منطقة عزيزة من الجبل كانت مؤشراً استشعر الجميع خطورته، لكنهم لم يدركوا معنى الخط الأحمر الذي رسمه وليد جنبلاط». وقال شهيب في تصريح: «المختارة خط أحمر بما تمثله من صون لوحدة الجبل واستقراره، من رعاية كريمة للمصالحة والسلم الأهلي، ومن التزام بالبعد الوطني والعربي الذي جسّدته عبر التاريخ، لكن بعض النافخين في بوق الفتنة والساعين إليها، رأوا وفقاً لتوقيتهم أن الفرصة سانحة، لكنهم فشلوا وسيفشلون ما دام هناك من يسهر على الاستقرار ويرعى أبناء الجبل بحكمته وقيادته الرشيدة».

وتساءل شهيب: «هل عادت تهديدات سفاح دمشق بتدمير الجبل؟ نأمل أن يلتزم الجميع بسقف القانون، فالدولة هي أولاً وأخيراً الملاذ الذي يحمينا جميعاً، ولا نريد تكرار التجارب السابقة التي غابت فيها مؤسساتنا الرسمية فوقعنا في المحظور الذي دفعنا ثمنه غالياً».

ولم يستبعد «الاشتراكي» أن ما جرى كان بمثابة رسالة؛ إذ أعلن أحد ممثليه في البرلمان النائب بلال عبد الله، أن «الرسالة جاءت في سياق عرقلة تشكيل الحكومة، وهي رسالة أمنية وليست سياسية»، قائلاً في تصريح لـ«وكالة الأنباء المركزية»: «لدينا هاجسان: الأول درء الفتنة إن كانت ضمن المذاهب والطوائف أو خارجها، وعدم السماح لأي طرف باستباحة الأمن وزعزعة الاستقرار. والثاني معالجة الشأنين الاجتماعي والاقتصادي».

وأضاف النائب عبد الله: «المطلوب من القوى السياسية كافة أن تتخذ موقفاً واضحاً مما حصل، لا يمكننا ترك البلد في مهب الريح. البلد يحتاج إلى مرجعية رسمية حكومية. نحن قمنا بما يتوجب علينا، وننتظر الآخرين حكوميا. إذا كان المطلوب تسوية، فعلى أحد أن يتراجع عن مطلبه».

وفي زحمة التطورات الأمنية، تلتقي دعوة «الاشتراكي» مع تصاعد الدعوات لتشكيل الحكومة التي لم يطرأ أي جديد على المساعي الهادفة لإيجاد تسوية لها. وقال وزير المال علي حسن خليل إن «الحوادث الأخيرة التي حصلت، تقتضي وتفرض علينا أن نسارع إلى إكمال عقدنا الدستوري، من خلال تشكيل الحكومة، ووضع كل الملفات المرتبطة بالاستقرار الأمني والسياسي، ‏ومعالجة الشأن الاقتصادي ‏والمالي، على الطاولة، حتى نتجاوز القطوع الكبير الذي يهدد البلد واستقراره وحياة الناس فيه ومصالحها، لأنها الأساس».

وفي السياق، قال عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ماريو عون، إن مبادرة وزير الخارجية جبران باسيل لا تزال مستمرة، «ولا نريد الإفصاح عنها حرصا على نجاحها، لأن من المؤكد أن الوضع الراهن بات يحتاج تأليف الحكومة سريعا»، مجددا حرص التيار الوطني الحر على التهدئة في الجبل بدليل إرساله وفدا للقاء مختلف المرجعيات الدرزية. ولفت إلى أنه «من المفترض أن يهز حدث من هذا النوع العقول لجهة تسريع التشكيل، وإن كان أي رابط مباشر لا يجمع بين الأمرين»، مشيرا إلى أن «(التيار) في أجواء إيجابية فيما يخص مسار التأليف».

في غضون ذلك، تنامت الدعوات للتهدئة والاحتكام للقانون، وغرد الرئيس السابق ميشال سليمان عبر حسابه على «تويتر» بالقول: «السلطات الدستورية والمؤسسات الأمنية هي خط الدفاع الأخير عن وجود الدولة، وعلى القضاء أن يصدر دون إبطاء الأحكام الحازمة والعادلة؛ وإلا قضي على الجميع».

في سياق متصل، أعلنت كتلة «اللقاء الديمقراطي» في بيان، إثر اجتماعها أمس، تلاه عضو «اللقاء» النائب هادي أبو الحسن أشار فيه إلى أن «مطلبنا هو الحكومة ثم الحكومة ونحن بغنى عن الرسائل السياسية، وأننا ندعو القوى السياسية لمراجعة مواقفها والتعقل من أجل مصلحة لبنان والسلم الأهلي فنحن بغنى عن أزمات إضافية».

وأوضح اللقاء، أنه «قرر المباشرة بجولة اتصالات بدءا من الكتل النيابية والقوى السياسية بالإضافة إلى الاتحاد العمالي العام والمجلس الاقتصادي والعمل انطلاقا من الورقة الاقتصادية لحث الجميع على تحمل المسؤولية في إنقاذ البلد، كما سيطالب الهيئات الرقابية دون مراعاة أي كان لمعالجة الفساد والهدر».

وشدد اللقاء على أنه «سيطلب جلسة استثنائية لمجلس النواب لمناقشة الأوضاع العامة بالبلاد والدفع باتجاه الخطوات الإنقاذية المطلوبة».